الثلاثاء، 14 أبريل 2020

علم النفس البيولوجي : الدماغ والسلوك

علم النفس البيولوجي : الدماغ والسلوك


علم النفس البيولوجي Biopsychology هو فرع من علم النفس، يحلل كيف يؤثر الدماغ والنواقل العصبية والجوانب الأخرى البيولوجية على سلوكياتنا وأفكارنا ومشاعرنا.
وغالبًا ما يشار إلى هذا المجال في علم النفس من خلال مجموعة متنوعة من الأسماء بما في ذلك علم النفس البيولوجي، وعلم النفس الفسيولوجي، وعلم الأعصاب السلوكي، وعلم النفس الحيوي. وينظر علماء النفس البيولوجي في كثير من الأحيان إلى كيفية تفاعل العمليات البيولوجية مع الإنفعالات والإدراك والعمليات العقلية الأخرى.
ويرتبط مجال علم النفس البيولوجي بعدة مجالات أخرى، بما في ذلك علم النفس المقارن وعلم النفس التطوري.

لمحة تاريخية قصيرة

في حين أن علم النفس البيولوجي قد يبدو حديثاً إلى حد ما بفضل إدخال الأدوات والتكنولوجيا المتقدمة لفحص الدماغ، فإن جذور الحقل تعود إلى آلاف السنين حتى زمن الفلاسفة الأوائل. وبينما نعتبر الآن العقل والدماغ مترادفين، ناقش الفلاسفة وعلماء النفس منذ فترة طويلة ما كان يعرف باسم مشكلة العقل / الجسد. بمعنى آخر، تساءل الفلاسفة وغيرهم من المفكرين عن العلاقة بين العالم العقلي والعالم المادي.

المنظور الفلسفي

أحد الأشياء المهمة التي يجب تذكرها هو أنه في الآونة الأخيرة فقط من تاريخ البشرية، أصبح الناس يفهمون الموقع الفعلي للعقل. أرسطو، على سبيل المثال، كان يقول أن أفكارنا ومشاعرنا نشأت من القلب. واقترح مفكرون يونانيون مثل أبقراط وأفلاطون أن الدماغ هو المكان الذي يكمن فيه العقل وأنه كان بمثابة مصدر كل الأفكار والسلوكيات.
وفي وقت لاحق قدم مفكرون مثل رينيه ديكارت وليوناردو دافنشي نظريات حول كيفية عمل الجهاز العصبي. وفي حين أُثبت خطأ هذه النظريات المبكرة لاحقا، إلا أنها أثبتت فكرة مهمة بأن المنبهات الخارجية يمكن أن تؤدي إلى استجابات عضلية. وكان ديكارت هو الذي قدم مفهوم المنعكس the reflex، على الرغم من أن الباحثين أظهروا لاحقًا أن النخاع الشوكي هو الذي لعب دورًا مهمًا في هذه الاستجابات العضلية.

الارتباط بالسلوك البشري

أصبح الباحثون مهتمين أيضًا بفهم كيف تتحكم أجزاء مختلفة من الدماغ في السلوك البشري. لقد أدت إحدى المحاولات المبكرة لفهم هذا إلى ظهور علم زائف يعرف باسم الفرينولوجيا phrenology أو فراسة الدماغ. و وفقًا لوجهة النظر هذه، فالدماغ مقسم إلى عدة أقسام كل واحد منها مسؤول عن ملكة معينة وأن هذه الملكات الفردية يمكن ملاحظتها انطلاقا من النتوءات على سطح الجمجمة.
وعلى الرغم من أن علم فراسة الدماغ أصبح شائعًا جدًا، إلا أنه سرعان ما رفضه علماء آخرون. ومع ذلك، لعبت فكرة أن أجزاء معينة من الدماغ مسؤولة عن وظائف معينة دورا هاما في تطوير أبحاث الدماغ في المستقبل.
وكان لحالة فينس غيج Phineas Gage الشهيرة، وهو عامل بالسكك الحديدية عانى من إصابة دماغية مدمرة، أثر كبير على فهمنا لكيفية تأثير الأضرار التي لحقت بأجزاء معينة من الدماغ على السلوك والأداء الوظيفي.

أحدث الأبحاث

منذ تلك التأثيرات المبكرة، واصل الباحثون إجراء اكتشافات مهمة حول كيفية عمل الدماغ والأسس البيولوجية للسلوك. وأدت البحوث حول التطور، وتحديد وظائف المخ، والخلايا العصبية، والنواقل العصبية إلى تطوير فهمنا لكيفية تأثير العمليات البيولوجية على الأفكار والإنفعالات والسلوكيات.
وإذا كنت مهتمًا بمجال علم النفس البيولوجي، فمن المهم أن تفهم العمليات البيولوجية وكذلك التشريح وعلم وظائف الأعضاء. وثلاثة من أهم العناصر التي يجب فهمها هي الدماغ والجهاز العصبي والنواقل العصبية.

الدماغ والجهاز العصبي

الجهاز العصبي المركزي CNS) Central Nervous System) يتكون من الدماغ والنخاع الشوكي. ويُعرف الجزء الخارجي من الدماغ باسم القشرة الدماغية The Cerebral Cortex. وهذا الجزء من الدماغ مسؤول عن عمل الإدراك والإحساس والمهارات الحركية والإنفعالات.
يتكون الدماغ من أربعة فصوص:
الفص الجبهي: يشارك هذا الجزء من الدماغ في المهارات الحركية والإدراك العالي المستوى واللغة التعبيرية.

الفص القذالي: يشارك هذا الجزء من الدماغ في تفسير المنبهات البصرية والمعلومات.


الفص الجداري: يشارك هذا الجزء من الدماغ في معالجة المعلومات الحسية اللمسية مثل الضغط واللمس والألم بالإضافة إلى العديد من الوظائف الأخرى.
الفص الصدغي: يشارك هذا الجزء من الدماغ في تفسير الأصوات واللغة التي نسمعها ومعالجة الذاكرة بالإضافة إلى وظائف أخرى.
جزء مهم آخر من الجهاز العصبي هو الجهاز العصبي المحيطي (Peripheral Nervous System (PNS، والذي ينقسم إلى قسمين:
  • القسم حركي The motor (efferent) division الذي يربط الجهاز العصبي المركزي بالعضلات والغدد.
  • القسم الحسي The sensory (afferent) division الذي يحمل جميع أنواع المعلومات الحسية إلى الجهاز العصبي المركزي.
وهناك عنصر آخر في الجهاز العصبي يعرف باسم الجهاز العصبي المستقل أو الذاتي Autonomic Nervous System، والذي ينظم العمليات التلقائية مثل معدل ضربات القلب والتنفس وضغط الدم. وهناك جزءان من الجهاز العصبي المستقل:
  • الجهاز العصبي السمبثاوي (الجهاز العصبي الودي) Sympathetic Nervous System، الذي يتحكم في استجابة “المواجهة أو الهروب”. هكذا يعد الجسم للإستعداد للرد على الخطر في البيئة.
  • الجهاز العصبي الباراسمبثاوي (الجهاز العصبي اللاودي) Parasympathetic Nervous System يعمل على إعادة جسمك إلى حالة من الراحة وينظم عمليات مثل الهضم.
النواقل العصبية
من المهم أيضًا في مجال علم النفس البيولوجي فهم كيف تعمل النواقل العصبية. فالنواقل العصبية تحمل المعلومات بين الخلايا العصبية وتمكّن من إرسال الرسائل الكيميائية من جزء في الجسم إلى الدماغ ، والعكس.
وهناك مجموعة متنوعة من النواقل العصبية التي تؤثر على الجسم بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يشارك الناقل العصبي الدوبامين في الحركة والتعلم. وارتبطت كميات كبيرة من الدوبامين بالاضطرابات النفسية مثل مرض انفصام الشخصية، في حين يرتبط النقص في الدوبامين بمرض باركنسون (شلل الرعاش). قد يقوم أخصائي علم النفس البيولوجي بدراسة النواقل العصبية المختلفة لتحديد آثارها على سلوك الإنسان.

الفرص الوظيفية في علم النفس البيولوجي

إذا كنت ترغب في الحصول على وظيفة في مجال علم النفس البيولوجي، فأمامك عدد قليل من الخيارات المختلفة. يختار بعض الذين يدخلون هذا النوع من الوظيفة العمل في مجال البحث حيث يمكنهم العمل في جامعة أو شركة أدوية أو وكالة حكومية أو أخرى. ويختار آخرون العمل مع المرضى لمساعدة أولئك الذين يعانون من نوع ما من التلف في الدماغ أو مرض كان له تأثير على سلوكهم وأدائهم الوظيفي.
وفيما يلي بعض التخصصات المهنية المرتبطة بعلم النفس البيولوجي:
  • عالم نفسي مقارن: ينظر إلى سلوكيات الأنواع المختلفة ويقارن بينها وبين البشر.
  • عالم نفسي تطوري: يدرس الأسس التطورية للسلوك.
  • عالم الأعصاب السلوكي: يحلل كيفية تأثير الدماغ والجهاز العصبي والأعضاء الأخرى على السلوك.
  • طبيب أعصاب: يعالج المرضى الذين يعانون من تلف أو مرض يصيب الدماغ والجهاز العصبي.
  • عالم الأعصاب المعرفي: يبحث حول نشاط الدماغ و عن كيفية تفكير وتعلم وحل المشكلات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق